السبت أكتوبر 27, 2012 4:55 pm من طرف malak
-جريدة الوطن القطرية ـ الخميس 26 / 4 / 2012م ـ حوار نورما أبو زيد خوند .
-أنا لست مع هذه …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 6:20 pm من طرف admin
س ـ ما قراءتكم لمجريات أحداث البحرين، وهل تضعون المعارضة البحرينية في خانة الدمى التي …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 6:13 pm من طرف admin
س ـ ننتقل من دمشق إلى طهران. ما هي برأيكم أبعاد زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لجزيرة أبو …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 6:04 pm من طرف admin
س ـ تتبنى إيران مبادرة المبعوث الأممي ولكنها تضع لها خريطة طريق على رأسها بقاء الأسد على راس …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:58 pm من طرف admin
سـ هل بإمكان المعارضات السورية أن تصوغ برنامجا موحدا للمرحلة المقبلة؟
ج- من خلال الأوراق …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:52 pm من طرف admin
س ـ هل تعولون كثيرا على مبادرة المبعوث الأممي كوفي عنان؟ وماذا لو لم تنجح هذه المبادرة؟ وما …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:46 pm من طرف admin
س ـ هل تعتقدون أن المجتمع الدولي متعجل لإنجاز تسوية سياسية في سوريا؟
ج- لا يبدو من خلال سير …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:38 pm من طرف admin
س ـ بالانتقال من الملف اللبناني إلى الملف السوري، كيف تقرؤون الموقف الخليجي عموما والقطري …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:33 pm من طرف admin
س ـ هذا فيما خص مجلس النواب ولكن ما تقويمكم لتجربة حكومة ميقاتي داخليا ؟
ج - من الواضح أنها …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:25 pm من طرف admin
س ـ من أقرب اليوم إلى مشروع الدولة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أو الأمين العام لـ«حزب الله» …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:20 pm من طرف admin
س ـ كم يمثّل الصوت المعتدل داخل الطائفة الشيعية ؟
ج - الطائفة الشيعية كسائر الطوائف …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:15 pm من طرف admin
س ـ لماذا المزاج الشيعي العام يميل إلى «حزب الله» و«حركة أمل»؟
ج - هذا طبعا بحسب الإعلام. نحن …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 5:09 pm من طرف admin
الوطن القطرية تحاور العلامة السيد علي الأمين
س ـ معظم الرأي العام الشيعي ينظر إلى شيعة «14 …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 4:58 pm من طرف admin
س ـ تقاطعت بعض المعلومات حول حراك تقوده باريس في مجلس الأمن الدولي من أجل إشراك قوة …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 4:45 pm من طرف admin
س ـ كيف ترون موقف الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل» من الأزمة السورية، وهل تعتقدون أن …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 4:34 pm من طرف admin
س ـ بداية، هل تؤيدون سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة اللبنانية تجاه ما يجري في …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 4:30 pm من طرف admin
اعتبر العلامة السيد علي الأمين الذي يعتبر علامة فارقة على المستويين اللبناني والعربي، أن …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الخميس أبريل 26, 2012 3:56 pm من طرف admin
جريدة الوطن القطرية ـ الخميس 26 / 4 / 2012م ـ …
[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
ولاية الدولة أم دولة الولي
منتديات العلامة السيد علي الأمين :: مكتبة التوجيه والإرشاد :: خزانة الأرشيف ـ محاضرات ـ ندوات ـ مواقف (word)
ولاية الدولة أم دولة الولي
11 / 05 / 2010
ولاية الدولة أم دولة الولي*
منذ أن تكوّنت الجماعة البشريّة وتكاثرت أعدادها ظهرت الحاجة إلى وجود سلطة تنظّم أمورها وترعى شؤونها العامّة وتفصل في النزاعات بين افرادها باعتبارها مرجعيّة يرجعون إليها في حلّ خلافاتهم وقد تطوّرت هذه السّلطة عبر العصور من خلال التجارب التي خاضتها الجماعة في الحكم والسلطة بسبب زيادة وعيها السياسي والاجتماعي واتساع ثقافتها واكتشافها لمواطن الضعف والخلل في نظام الحكم والإدارة فانتقلت تلك السلطة من أطوارها البدائية التي وجدت في القرية والعشيرة والقبيلة إلى أشكال أخرى حتّى وصلت إلى الدّولة المعاصرة التي أصبحت مؤسّسة تحكمها القوانين والأنظمة الصّادرة عن السّلطات التشريعيّة والقضائية والتنفيذية وأصبح الحاكم في ظلّ هذا المعنى الجديد للدّولة مطبّقاً لأحكام الدّستور المنبثق عن سلطات توافق الشعب عليها وقد صار الشّخص القائم على رأس السلطة بموجبه الحاكم المؤتمن على تنفيذ بنوده والمحافظة عليه وهذا من معاني ما يسمّى بالحكم الدستوري سواء كانت صيغة الحكم المتّفق عليها صيغة ملكيّة أو جمهوريّة وهذا الحكم الدستوري ينطلق من النّظرية السّائدة في عصرنا عند علماء الإجتماع والسياسة حول الحكم و السلطة وهي نظريّة الرّعاية والائتمان على عكس النّظريّة التي كانت موجودة في العصور الوسطى في بعض المجتمعات وما قبلها والمعبّر عنها بنظريّة الامتلاك والاستبداد التي أطلق عليها قديماً إسم السلطة الفرعونية التي يحتكر فيها الفرد السّلطة ويكون هو مدار الطّاعة والعصيان وليست القوانين الموضوعة بصورة مستقلّة عن إرادة الحاكم ورغبته.
وهذه الطّريقة الاستبدادية في الحكم هي التي اعتمدها فرعون موسى كما تحدّث عنها القرآن الكريم ( إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم إنّه كان من المفسدين) القصص:4. ومثل هكذا سلطة ظالمة متسلّطة بغير وجه حقّ تكون مفسدة للنّظام العام ومعطّلة للمصالح وجالبة للمضار والمفاسد وهذه هي السلطة المسمّاة بسلطة الجبابرة الطّغاة التي تحدّث الفقهاء عن عدم ثبوت الولاية لها وعن حرمة المشاركة فيها باعتبار أنّ المشاركة فيها من التّعاون على الإثم والعدوان.
وأمّا السلطة الهادفة إلى نظم أمر الجماعة وإصلاحها والمحافظة على مصالحها وهي التي شكّلت ضرورة لقيام المجتمع واستقراره واستمراره فهي الّتي تحدّث الفقهاء وعلماء الاجتماع والسياسة عن ضرورة وجودها واقامتها وعدم جواز خلوّ المجتمعات العقلائية منها وهي التي بحث عنها الفقهاء المسلمون تحت عنوان [الإمامة والسياسة] وقصدوا بالإمامة هنا القيادة السياسيّة للأمّة وليس القيادة الدينيّة وأطلقوا على الحاكم لقب الإمام كما جاء في جملة من النّصوص منها ما جاء في نهج البلاغة عن الإمام علي (ع) :
( ... وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدّول فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع، ولا المعطّل للسنة فيهلك الأمة ).
والمقصود بالسّنّة هنا هي الطريقة التي صلحت بها شؤون الأمّة كما جاء في وصيّة الإمام علي (ع) لمالك الأشتر عندما ولاّه على مصر:
(ولا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمّة ، واجتمعت بها الألفة ، وصلحت عليها الرعية... ) وقوله الاخر:
( ... والواجب عليك أن تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة أو سنّة فاضلة أو أثر عن نبينا (ص) أو فريضة في كتاب الله ...).
فإنّ عطف الأثر عن النبيّ على السنّة الفاضلة يؤيّد أنّ المقصود من السنّة هنا غير السنّة بالمعنى الأصولي وهي الأحاديث والروايات التي تتضمّن قول النبي (ص) أو فعله أو تقريره بل المقصود ما ذكرناه من الطريقة التي اكتشف صلاحها من خلال التجربة التي ظهرت منافعها العامة للمجتمع.
ومن الواضح أنّ المقصود من الإمامة في هذا النصّ الّذي تقدّم ذكره القيادة السياسيّة وأوضح منه في الدّلالة على انّ المقصود بالإمامة هنا القيادة السياسيّة ما جاء في نصّ آخر يقول فيه :
( ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامّة النّاس فما إلى ذلك سبيل ولكن أهلها – المشاركون في العمليّة ...- يحكمون على من غاب عنها ثمّ ليس للشّاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار – يرفض - ).
وفي نصّ ثالث أكثر وضوحاً قوله (ع):
( .. إنّما الشّورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماماً كان ذلك للّه رضىً... ). باعتبار أنّ المهاجرين والأنصار في المدينة كانوا يمثلون مختلف المناطق السكانية في تلك المرحلة فكانوا بمثابة مجلس الشورى لعموم الأمّة.
والإمامة بمعناها السياسي هي الّتي تحدّث عنها الشّهرستاني في كتابه -الملل والنحل- عندما قال عنها : ( ما سُلّ سيف على قاعدة دينيّة مثل ما سلّ على الإمامة في كلّ زمان). ومن الواضح أن الصراع كان على موقعها السياسي وليس على مكانتها الدّينيّة بحسب الأصل والتي تشير إليها جملة من الآيات القرآنية، منها قوله تعالى لإبراهيم عليه السلام : ( إنّي جاعلك للنّاس إماماً) البقرة:124 والنبي ابراهيم لم يستلم القيادة السياسيّة.
وقوله تعالى : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاًّ جعلنا صالحين، وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزّكاة وكانوا لنا عابدين) الأنبياء: 72-73.
ومن الواضح هنا أيضاً أن المقصود هنا الإمامة بمعناها الدّيني حيث لم تكن السلطة السياسيّة بأيدي الّذين جعلهم الله أئمة في تلك المرحلة
ولعلّ السبب في إطلاق اسم الإمامة في الفقه السياسي على القيادة السياسيّة باعتبار كونها أمراً متقدّماً على كلّ الأمور الأخرى التي يحتاجها المجتمع كما يتقدّم الإمام على المأموم في الصّلاة وغيرها من الأمور الدّينيّة الّتي يكون الإمام أولى بالسّبق إليها والعمل بها من المأمومين الذين يدعوهم إليها كما ورد عن الامام علي (ع) في هذا المعنى: ( ما أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها ولا أنهاكم عن معصية إلا وأتناهى قبلكم عنها). وهو مضمون قوله: ( من نصّب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره).
وعلى كلّ حال فإنّ الإمامة والسّلطة أصبحت تعني الدولة وقيادتها السياسية، الدّولة التي تتولّى الحكم والإدارة في المجتمع وفق قوانين الحقّ والعدل وهي السّلطة التّي يتوقف عليها النظام العام وبها تصان الحقوق وعليها يتوقف الإستقرار وهي اللاّزمة الوجود، ولا بدّ من ثبوت الولاية لها في تطبيق الأحكام وإصدار الأوامر والنّواهي الّتي تخدم صالح العموم ولا معنى لوجود سلطة ودولة بدون ولاية لأن الولاية إن لم تكن في جوهر السلطة والدولة فهي من اللوازم التي لا تنفكّ عنها كالحرارة اللازمة للنّار كما يقال في لغة أهل المنطق وهي – أي الولاية - من معاني سيادة الدّولة على أرضها وشعبها بالمصطلح القانوني المعاصر.
فالدولة بدون ولاية وسيادة تصبح دولة بالشّكل والصّورة ويختلّ بذلك النّظام ويسود الهرج والمرج وهذا مخالف لمبرّرات وجودها الواجب. وقد دخلت الشّبهة على الخوارج عندما طرحوا رأياً يفرّغ الدّولة من محتواها و يفكّك بينها وبين لوازمها وحقّها في بسط سلطتها وإعمال سيادتها عندما نزعوا عن أنفسهم ثوب الطاعة لحكم الإمام علي (ع) بقولهم : ليس لك الحكم يا عليّ (إن الحكم إلا لله) فأجابهم الإمام وردّ شبهتهم بقوله : ( كلمة حق يراد بها باطل، نعم، لا حكم إلا لله ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلاّ لله، وإنه لا بدّ للنّاس من أمير برّ أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلّغ الله فيها الأجل ويجمع به الفيء و تأمن به السبل ويقاتل به العدوّ ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح برّ و يُستراح من فاجر).
والمستفاد من هذا النّص أن الإمام (ع) قال لهم يجب أن تعملوا على طاعة هذه القيادة والسلطة التي لا بدّ منها لحفظ النظام العام سواء آمنتم بها واتفقتم معها أو اختلفتم معها فإن الاختلاف معها لا يبرّر لكم تعطيل النّظام العام الّذي تصان به حقوق الجميع. وهذا يعني شرعيّة الواقع القائم على حفظ المصالح العامّة للمجتمع.
وقد أظهر الإمام أيضاً في كلامه هذا مدى الارتباط بين الإمرة الضرورية اللازمة للمجتمع وبين ثبوت الولاية لها في تطبيق الأحكام الّتي يحتاجها المجتمع في إقامة الحقّ والعدل فيما بينهم والدّفاع عنهم وتوزيع الثروات عليهم وتحقيق الأمن والاستقرار في بلادهم كما هو مذكور في الخبر الذي نقلناه. وهذا يعني أنّ الإمام(ع) لم يكن في مقام بيان أصل الحاجة إلى قيام الدّولة بعيداً عن شرعيّتها كما قال بعضهم لأنّه قد طلب المشاركة والعمل فيها من المؤمن وغيره لتحقيق الأمور الّتي ذكرها والتي يجمعها عنوان الدّفاع عن مصالح البلاد وأداء حقوق العباد وهذه هي شرعيّة الواقع العمليّة التي لا تصحّ مخالفتها كما يشير إليها الحديث خلافاً لبعض الحركات الدينية التي تجعل الشرعيّة تدور مدار وجودها في السلطة وعدمه كما جرى عندنا في لبنان حيث إنهم عندما يشاركون فيها تكون السلطة شرعيّة في نظرهم وعندما يستقيلون مثلاً أو يخسرون تفقد السلطةُ الشرعيةَ بنظرهم ويصبح من الجائز عندهم حينئذ تعطيل النظام العام وتعريضه للأخطار مع أنّ كلام الإمام لا يدلّ على ذلك بحال من الأحوال.
وهذه الرؤية للحكم والسلطة الدستورية هي التي سار عليها الخلفاء الراشدون وهي ثبوت الولاية المقيّدة للسلطة بتطبيق الأحكام والتي عبّر عنها الخليفة الأول أبو بكر (رض) في قوله : ( أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم)، وقوله: (فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوّموني).
فلا وجود للطّاعة المطلقة للحاكم بحسب الثقافة الجديدة الّتي أحدثتها التعاليم الإسلامية وهذا يعني أن البحث لم يكن في أصل ثبوت الولاية للحاكم بوصفه رئيساً للسلطة والنظام وإنّما وقع الكلام والبحث في وظيفة الحاكم والدور الذي يقوم به وهذا يحتاج إلى الولاية التي تثبت له بمجرّد صيرورته حاكما موظفاً بإقامة الضرورة الناشئة في الأصل من حاجة المجتمع إليها وهي السّلطة في إطار الأحكام والقوانين وهذه الولاية لا تعني ثبوت حقوق له دون واجبات عليه باعتبار أنها ولاية مقيّدة بقيود الأحكام الصّادرة وعليه تطبيقها وحتّى الأحكام التي يصدرها تكون مقيّدة بتلك القواعد العامّة المستفادة من الكتاب و السّنّة كما يشير إليه قوله تعالى:
( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله و الرّسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر..). حيث جعلت الآية الطاعة لأولي الأمر مقيّدة بالكتاب الكريم والسنّة الشريفة وفيهما المبادئ الداعية لإقامة الحق والعدل. وقوله تعالى : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ). وعن الإمام علي (ع) في نهج البلاغة ما يشير إلى هذه الولاية المقيّدة بالحق و العدل : ( .. أمّا بعد فإنّ حقّا على الوالي أن لا يغيّره على رعيّته فضلٌ ناله ولا طول خصّ به وأن يزيده ما قسّم الله له من نعمة دنوّا من عباده وعطفاً على إخوانه .. ألا وإن لكم عندي الاّ أحتجز دونكم سرّاً إلا في حرب ولا أطوي دونكم أمراً إلا في حكم ولا أؤخر لكم حقّاً عن محلِّه ولا أقف به دون مقطعه وأن تكونوا عندي في الحقّ سواء فإذا فعلت ذلك وجبت لله عليكم النعمة ولي عليكم الطّاعة...).
فهذه الطاعة تعني الولاية المقيّدة بإقامة الحقّ والعدل وهي في الحقيقة تعني الولاية للدّولة في بسط سلطتها على الجماعة التي لا يقوم أمرها بدونها.
وفي بعض النّصوص الأخرى ما يعطينا صورة أكثر وضوحاً في أنّ الولاية التي تثبت للوالي ليست لشخصه وإنّما باعتبار تمثيله لهذه السلطة العامّة وقيامه بوظيفته بالعدل والإحسان ..
وقد خاطب الإمام علي (ع) رعيّته بقوله :
(...فلا تكلّموني بما تكلّم به الجبابرة، ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنّوا بي استثقالاً في حقّ قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنّه من استثقل الحقّ أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه. فلا تكفّوا عن مقالة بحقّ أو مشورة بعدل، فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به منّي فإنّما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره، يملك منّا ما لا نملك من أنفسنا...). فالرعيّة ليست ملكاً له وإنّما الرّاعي والرعيّة مملوكون لله تعالى.
ويقول في عهده لمالك الأشتر عندما ولاّه على مصر :
(وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق ، وأعمها في العدل ، وأجمعهــا لرضا الرعية ...، فإنّ سخط العامّة يجحف برضا الخاصّة ، وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضى العامّة .... وإنّما عماد الدين ، وجماع المسلمين ، والعدّة للأعداء ، العامّة من الأمّة ، فليكن صغوك لهم ، وميلك معهم ... )
وممّا يشير إلى نظريّة الأمانة في الحكم و السّلطة رسالته إلى بعض عمّاله التي جاء فيها : (وان عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك امانة، وانت مسترعى لمن فوقك، ليس لك ان تفتات في رعية، ولا تخاطر الا بوثيقة، وفي يديك مال من مال الله عز وجل، وانت من خزانه... ) وفي رسالة أخرى لآخر يقول له : ( ... فلقد أحسنت الولاية وأدّيت الأمانة ...) وإلى ثالث : ( ... أمّا بعد فإنّي كنت أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي ...) .
فكلّ هذه النصوص التي ذكرناها تشير إلى أن السلطة أمانة في يد الحاكم بالمنظور الدّيني يضاف إليها النصوص المتضمّنة لمصطلح الرعيّة التي تعني الرعاية و الحماية فهي لا تثبت ولاية للسّلطة خارج هذا الإطار الذي يجعلها أمانة بين يدي الوالي وبذلك تخرج عن كونها متاعاً من أمتعته وملكاً من أملاكه التي يتصرّف فيها كما شاء وأراد.
ولذلك فإننا نرى أن المرتكز في ثقافتنا الدينيّة أن الدولة هي للشعب والأمّة وأن الوالي و الحاكم هو الحارس المؤتمن عليها.
وأما ما ورد في عنوان المحاضرة من إضافة الدولة إلى الوليّ فهو لا يخلو من تسامح في العبارة لأن الدولة لا تكون له كما ظهر من تلك النصوص ولعلّ تداول عنوان ( دولة الوليّ) قفزت إلى البحث السياسي في مجتمعاتنا في الفترة الراهنة وقبلها من خلال نظرية ولاية الفقيه التي اعتمدت في إيران بعد الثورة الإسلامية والتي منحت للفقيه الولاية المطلقة على شؤون البلاد والعباد وتحصر هذه النظرية القيادة السياسية بالفقيه فليس للأمة أن تختار غيره لهذا المنصب القيادي الرفيع فهو فوق كل السلطات والأنظمة والمؤسسات التي تستمدّ شرعيتها من موافقته عليها ويستطيع ان ينقض الأحكام الصادرة عنها وآراؤه وأحكامه تشكّل دستوراً مستقلاً بحسب صيغة الحكم الحاليّة لنظرية ولاية الفقيه ولعلّه لذلك نُسبت الدولة إليه وقالوا ( دولة الفقيه) أو (دولة الوليّ) هذا مع أن المعروف والمفهوم من سيرة الحكم والحاكم في ثقافتنا الدينية كما تقدّم أنّ الولاية ثابتة للدولة وأن الفقيه تثبت له الولاية السياسية بوصفه حاكماً وصل إلى السلطة ضمن الأطر التي تحدّدها شريعة العدل والإنصاف التي تكون حكما بينه وبين الشعب وليست آراؤه الخاصّة به.
وأنت إذا نظرت في النصوص المتقدمة فهي لا تشترط في القيادة السياسية أن يكون فقيهاً مضافاً إلى أن سيرة المسلمين في مختلف العصور لم تكن قائمة على اعتبار هذا الشرط وممّا يزيد المسألة وضوحاً قول الإمام علي (ع) بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان (رض) عندما جاءه الناس يريدون مبايعته بالخلافة:
( دعوني والتمسوا غيري فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لاتقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول وإنّ الآفاق قد أغامت والمحجّة قد تنكّرت، واعلموا أني إن اجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أُصغ إلى قول القائل وعتب العاتب وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم منّي أميراً).
وقد بيّن الإمام علي (ع) في بعض كلماته أنّ الولاية السياسيّة لا تثبت لشخص بمعزل عن تولّيه مسؤولية ولاية الأمر كما ورد في كلامٍ له قاله في صفّين عند احتدام الخلاف حول الطاعة والولاية للحاكم كما يظهر:
( ... أمّا بعد فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقاً بولاية أمركم ولكم عليّ من الحق مثل الّذي لي عليكم..) ثمّ قال بعد ذلك بشيء من التفصيل: ( ... ثمّ جعل – سبحانه – من حقوقه حقوقاً افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها ويوجب بعضها بعضاً ولا يستوجب بعضها إلا ببعض، وأعظم ما افترض – سبحانه – من تلك الحقوق حقّ الوالي على الرعيّة وحقّ الرعيّة على الوالي فريضة فرضها الله سبحانه لكلّ على كلّ [ فلم يعط الولاية المطلقة للوالي بل حقه مرتبط بحقوق الرعية]، فجعلها نظاماً لإلفتهم وعزّا لدينهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعيّة، فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه وأدّى الوالي إليها حقها [ فالرعيّة بنظر الإمام ليست مسلوبة الحقوق وليست حقوقها منة من الحاكم عليها]، عز الحقّ بينهم وقامت مناهج الدّين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السّنن [ جرت على أوساطها الطّرق والأمور] ، فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء، وإذا غلبت الرعيّة واليها أو أجحف الوالي برعيّته اختلفت هناك الكلمة وظهرت معالم الجور وكثر الإدغال في الدّين وتركت محاجّ السنن [ الطرق الواضحة]، فعُمل بالهوى وعطلت الأحكام وكثرت علل النفوس فلا يستوحش لعظيم حقّ عُطّل ولا لعظيم باطلٍ فُعل!. فهنالك تذلّ الأبرار وتعزّ الأشرار وتعظم تبعات الله سبحانه عند العباد، فعليكم بالتناصح في ذلك وحسن التعاون عليه، فليس أحدٌ – وإن اشتدّ على رضى الله حرصه وطال في العمل اجتهاده – ببالغٍ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له – ولكن من واجب حقوق الله على عباده النصيحة بمبلغ جهدهم والتّعاون على إقامة الحقّ بينهم، وليس امرؤٌ – وإن عظُمت في الحقّ منزلته وتقدّمت في الدّين فضيلته – بفوق أن يُعان على ما حمّله الله من حقّه، ولا امرؤٌ – وإن صغّرته النفوس واقتحمته العيون – بدون أن يعين على ذلك أو يُعان عليه ... ).
لقد نقلت معظم النصّ لإعطاء الصورة الواضحة عن طبيعة العلاقة التي تقوم بين الحاكم والمحكوم وعن مدى ارتباط حقوق الوالي بأداء حقوق الرعيّة وهذا لا يجعله صاحب ولاية مطلقة تملك حقّ النّقض والإبرام فهو ليس مالكاً للبلاد ولا متحكّماً برقاب العباد بدون وجوه الحقّ الواضحة والمتّفق عليها لتكون مرجعيّة للرّاعي والرعيّة جميعاً.
هذه هي صورة الحكم والدّولة في ثقافتنا الدّينيّة التي وجدت في عصر كان فيه الظّلام الدّامس لا يزال مخيّماً على مختلف المجتمعات البشريّة آنذاك فأين نحن اليوم وأين حكومة ولاية الفقيه وغيرها من حكومات كثيرة في عالمنا العربي والاسلامي من هذه الصورة الرائعة والبديعة التي كانت جزءاً من تاريخنا وأين نحن من تلك العلاقات الإنسانية بين الرّاعي والرعيّة التي قامت على المساواة في الحقوق وعلى السّعي الجاد لتحقيق العدالة الإجتماعيّة بعيداً عن كلّ الاعتبارات الدّينيّة والسياسيّة والطّائفيّة لأنها اعتبارات تلغي المساواة في الحقوق وهي تتنافى مع ما تقدّم من القول في النّصوص السابقة ( فأنتم عندي في الحقّ سواء ...) فليست الحقوق للموالاة وحدها دون المعارضة ولا لجماعة دون أخرى لأن عنوان الرعيّة شامل للجميع وهنا يروي لنا التّاريخ السياسي كثيراً من الحوادث التي ضربت أروع الأمثلة في العدالة تطبيقاً لقوله تعالى : ( ولا يجرمنّكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) منها على سبيل المثال لا الحصر ( أنّ عليّاً أمير المؤمنين كان يتجوّل في بعض أزقّة الكوفة فرأى رجلاً كبيراً يتسوّل فتوجّه إلى من معه غاضباً بقوله : ما هذا؟! فقالوا نصراني يا أمير المؤمنين، فقال استعملتموه حتى اذا عجز منعتموه! أعطوه من بيت المال). ففرض الإمام للنصراني ضمان الشيخوخة من دون نظر إلى الدّين وبالمناسبة نقول لا يزال البحث عندنا اليوم في لبنان وفي كثير من أنظمتنا العربية والإسلاميّة تبحث عن هذا الضّمان دون إقراره.
وفي حادثة أخرى كان هناك خارجيّ معارض يستمع إلى حديث أمير المؤمنين علي (ع) مع بعض أصحابه في النظر الى امرأة كانت قد مرّت أمامهم فرمقوها بأبصارهم فقال لهم ما معناه إنما هي امرأة مثل نسائكم فقال الخارجيّ : قاتله الله كافراً ما أفقهه – فاخترط أصحاب الإمام سيوفهم لقتله فردعهم الإمام بقوله – رويداً - إنما هو سبّ بسبّ أو عفو عن ذنب. فمن منا اليوم يستطيع أن يعترض على الوليّ الفقيه أو على غيره من الحكام الكثيرين! أو على بعض الحركات الدينية التي تعتبر نفسها وصيّة على الفكر الدّيني! ترى، ماذا سيكون مصير المعترض أو المعارض!.
تلك صورة الحكم في تاريخنا وثقافتنا الدينيّة وهي تتنافي كليا مع إعطاء الحاكم ولو كان فقيهاً الصلاحيات المطلقة والقيمومة على الفكر الديني التي تجعل من شخصه دستوراً وميزاناً للخطأ والصواب والطاعة والعصيان.
نسأل الله ان يعصمنا من الخلل و الزّلل في القول والعمل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* محاضرة العلامة المجتهد السيد علي الأمين – جمعية المنتدى مملكة البحرين11-5-2010
» سلطة الولي الفقيه محصورة بحدود بلده وشعبه! حوار في ولاية الفقيه
» العلاّمة السيد علي الأمين لـصحيفة الرؤية الإمارتية : الإمارات بقانون المنع من التمييز الطائفي تؤسس لمرحلة جديـدة من استلهام روح الشريعة -نحن مع ولاية الدولة كمؤسسة، ولسنا مع ولاية الفقيه التي تعني حكم الفقيه الفرد
» على الدولة اللبنانية ان تصدق انها دولة، فتسعى جاهدة الى ربط المواطن بها وبالوطن.
» العلامة الأمين : ولاية الدولة وولاية الفقيه
منتديات العلامة السيد علي الأمين :: مكتبة التوجيه والإرشاد :: خزانة الأرشيف ـ محاضرات ـ ندوات ـ مواقف (word)
الإثنين أغسطس 26, 2024 4:53 pm من طرف nader
» لبنان الذي يشبه الثنائي مرفوض من عموم اللبنانيين
الثلاثاء يوليو 23, 2024 12:00 pm من طرف nader
» مآسي غزّة
الأربعاء يوليو 10, 2024 7:55 pm من طرف nader
» الإمام زيد والخلفاء
الأحد يوليو 07, 2024 10:40 am من طرف nader
» فقد الأحبّة
الإثنين مايو 13, 2024 5:55 pm من طرف nader
» كيف تصفد الشياطين في شهر رمضان؟
الجمعة مارس 15, 2024 10:58 am من طرف nader
» ولاء الشيعة في لبنان لوطنهم
الجمعة فبراير 23, 2024 3:55 pm من طرف nader
» روابط المذاهب والأديان ليست على حساب الأوطان
الأربعاء فبراير 21, 2024 5:32 pm من طرف nader
» رفض الإرتباط بالخارج بنظام ولاية الفقيه وغيره
الأربعاء فبراير 21, 2024 4:48 pm من طرف nader
» موقعي مع اللبنانيين
الأربعاء فبراير 21, 2024 4:30 pm من طرف nader
» Identity and Citizenship as a Human Vision
الإثنين ديسمبر 18, 2023 1:38 pm من طرف admin
» الهوية والمواطنة – رؤية إنسانية
الإثنين ديسمبر 18, 2023 1:25 pm من طرف admin
» اللجنة الدائمة للحوار الإسلامي المسيحي بين مجلس حكماء المسلمين والفاتيكان
الإثنين ديسمبر 18, 2023 1:06 pm من طرف admin
» العلاّمة السيد علي الأمين في مؤتمر علوم الأديان والتنشئة على المواطنية: للانتقال إلى تعليم يعزز الإنتماء إلى الوطن
الإثنين ديسمبر 18, 2023 12:49 pm من طرف admin
» سؤال حول تفسير ايات
الإثنين ديسمبر 18, 2023 12:33 pm من طرف admin
» تعزيز قيم المساواة والتعايش الإنساني
الأربعاء ديسمبر 13, 2023 11:58 am من طرف admin
» ندوة جنوبية في الذكرى الثانية على رحيل المفكر العلامة السيد محمد حسن الأمين
الأربعاء ديسمبر 13, 2023 11:48 am من طرف admin
» المواطنة والإنسانية
الأربعاء ديسمبر 13, 2023 11:32 am من طرف admin
» حرب المشركين وأعوانهم-ظروفها وأسبابها-
الإثنين نوفمبر 27, 2023 8:29 pm من طرف nader
» حوار قناة العربية مع العلاّمة السيد علي الأمين – برنامج سؤال مباشر – خالد مدخلي
الجمعة سبتمبر 29, 2023 8:50 pm من طرف admin
» لعلاّمة السيد علي الأمين استقبل منصة الحوار والتعاون من كايسيد
الجمعة سبتمبر 29, 2023 8:36 pm من طرف admin
» الحرب الدفاعية
الإثنين سبتمبر 04, 2023 9:45 am من طرف nader
» سبي النساء وقوانين الحرب
الأحد سبتمبر 03, 2023 5:29 pm من طرف nader
» العلاّمة الأمين: هي جنايات الإنسان وليست جنايات الأديان
الإثنين مارس 06, 2023 12:25 pm من طرف admin
» كيف نتجنب الحروب؟ كلمة العلامة السيد علي الأمين في منتدى أبو ظبي للسلم
الإثنين مارس 06, 2023 11:57 am من طرف admin