العلامة الأمين : الفتوى كالسلاح تلغي العملية الديموقراطية

العلامة السيد علي الأمين إن حكى·· حوار في اللحظة المناسبة

الخميس,6 أيار 2010 الموافق 22 جمادى الاولى 1431 هـ- حوار: حسن شلحة - جريدة اللواء

الحوار مع السيد علي الأمين له طابع خاص، فهو الى جانب كونه مرجعية فقهية وفكرية، يخوض غمار السياسة منذ سنوات طويلة، فهو صاحب فكر استقلالي وطني وحدوي، يرفض العصبيات الضيقة ويرى فيها حالة مَرَضية يجب مواجهتها مهما كان مصدرها· وهذا ما جعله يواجه سلطة <الأمر الواقع> وبالتالي يتعرض لأشرس الحملات والضغوط ومن ثم ليتم اقصاؤه عن موقعه كمفتٍ لمدينة صور والجنوب·
رغم جميع تلك الظروف الصعبة، وتداعياتها <السيد> على موقفه وصلابته والتزاماته ومواقفه وهو في طليعة <الذين لم يبدلوا تبديلا··>.
<اللواء> التقت مفتي صور السابق السيد علي الامين في زمن الانتخابات وانتشار السلاح وغياب سلطة الدولة، لنستطلع منه رأيه في كل ذلك او رؤيته للوحدتين الاسلامية والوطنية·

فرأى ان <الهيمنة الحزبية تحد من حرية التعبير وتشوه الانتخابات وتمنع التغيير نحو الأفضل>·

وقال: <الاستقرار بعد اتفاق الدوحة هش والتوافق انعكس سلباً على قرارات الحكومة> و<الدولة عاجزة عن فرض سلطتها، ولا توجد دولة تستجدي حقها وسلطتها وتنفيذ القوانين>·

وقال: <لا أخشى فتنة بين المسلمين وبين اللبنانيين ، ووجود السلاح خارج سلطة الدولة يستدرج عروضاً لحرب خارجية>·

وأعلن ان <خصوصية علاقة حزب الله بإيران وعدم ارتباط السلاح بالأجندة اللبنانية يشكل مصدر قلق اللبنانيين>·

ورأى <ان السلطة غائبة عن الجنوب وقوات الطوارئ ممنوع عليها دخول مناطق نفوذ حزب الله>·

واعلن ان <احداث 7 أيار هدفت لتغييب سلطة الدولة، وقرار الحرب والسلم ليس بيدها>·

الحوار مع السيد علي الأمين كان غنياً بالمواقف ومتشعباً وجاءت وقائعه على الشكل التالي:


الدولة تخلت عن دورها وجعلت من حزب الله و<أمل> ممراً لخدمات الشيعة ومناطقهم

السلطة غائبة عن الجنوب وقوات الطوارئ ممنوع عليها دخول مناطق نفوذ حزب الله

أحداث 7 أيار لتغييب سلطة الدولة وقرار الحرب والسلم ليس بيدها

الفلتان في الضاحية يعتمد نظرية الدولة( تخدم ولا تحكم)!

وجود السلاح خارج سلطة الدولة يستدرج عروضاً لحرب خارجية

ارتباط حزب الله بإيران وعدم ارتباط سلاحه بالأجندة اللبنانية مصدر قلق للبنانيين

نرفض أي عدوان اسرائيلي على

إيران ولكن نرفض زج شعبنا وأهلنا بحرب غير متكافئة

-الهيمنة الحزبية والانتخابات

س- لبنان يعيش اليوم أجواء العملية الديمقراطية الانتخابية (البلدية والاختيارية)، ما هي قراءتك للمسار الديمقراطي الذي نعيشه اليوم؟

ج- الاستحقاق الانتخابي الذي نعيش فصوله في هذه الايام، اعتقد انه لا توجد الحماسة الكافية على المستوى الشعبي كما لاحظنا في مناطق عديدة في لبنان، خصوصا وان الانتخابات النيابية السابقة تلقي بظلالها على هذه الانتخابات البلدية، حيث ان الانتخابات السابقة النيابية لم تنتج شيئاً وفق ما يسمى بالنظام الديمقراطي وحكم الأكثرية·

فالناس اعتقدوا بأن التعبير عن الرأي يمكن ان يترجم تغييرا في مواقع السلطة،وهذا لم يحصل! فعندئذٍ تفقد هذه العملية الحماسة والاندفاع لها· وقد رأينا ايضاً ان التدخلات واضحة في المناطق كما هو الحال في الجنوب والبقاع·· حيث توجد الهيمنة الحزبية، لم تترك هذه الهيمنة الحزبية دوراً للناس وللعائلات من اجل التعبير عن آرائهم بحرية وهذا ممّا يزيد في عدم حماسة الناس لهذه العملية·

-قوى الأمر الواقع والثلث المعطل

س-هل بتقديرك هذه الانتخابات ستنتج تغييراً في البلد؟

ج- كيف يمكن لهذه الانتخابات ان تحدث تغييراً على المستوى البلدي، في حين ان الهيمنة هي لقوى الامر الواقع؟! والقوى الحزبية المهيمنة لم تعد على منطقة او اخرى وإنما اصبحت مهيمنة على الحكم وعلى السلطة بحيث لا يمكن لهذا النظام بعد اتفاق الدوحة ان يأخذ قراراً من خلال منطق الأكثرية والمنطق الديمقراطي وانما بمنطق الثلث المعطل· إن لم نقل بأنه الثلث الذي يدير شؤون البلد في مجــالات عديدة !.

س-هناك تحالف ثنائي شيعي حزب الله - حركة <امل> واعلنوا بأنهم سيتقاسمون مقاعد فيما بينهم ولكنهم سيتركون للعائلات والناس بعض المقاعد؟

ج- حتى لو تركوا شيئاً، وانما حضورهم ذاته موجود وتأثيرهم وهيمنتهم على المفاصل وعلى الأرض ستُحدث تأثيرها·
نحن نعرف ان العملية الديمقراطية تحتاج إلى وجود الدولة القوية التي تبسط سلطتها والتي تحمي مواطنيها اذا عبّروا عن آرائهم وهذا امر غير موجود في الجنوب او في غير الجنوب وفي اكثر الأماكن التي تجري فيها العملية الانتخابية التي يسيطر عليها الثنائي (حزب الله وحركة <امل>)، فمن هنا اعتقد ان هذه الفسحة التي تمنحها قوى الامر الواقع هو لتلميع صورتها بأنها تعطي مساحة للعائلات، مع انها عملياً هي لم تُلغِ العائلات فحسب بل ألغت حتى مشروع الدولة في مناطقها !.

-السلاح والانتخابات

س-هل تجد ان للسلاح تأثيره على العملية الديمقراطية؟

- طبعاً، كما قلنا في العملية الانتخابية النيابية السابقة، القرارات التي تأخذها الحكومة اللبنانية وكل الأمور تؤثر عليها قوة السلاح· حيث تغيب الدولة، كيف يمكن عندئذٍ ان يُعبر المواطن عن رأيه؟!. ولذلك قلنا لا توجد حماية لهذا المواطن! ولا شك بأن غياب الدولة وحلول قوى أخرى محلية وحزبية مكان هذه الدولة سيؤثر ذلك على آراء الناس واختياراتهم، ولذلك نرى أن العملية الانتخابية الآن هي عملية شكلية ولا تعبر عن آراء الناخبين حقيقة.

-الفتوى الشرعية والانتخابات

س-كيف تقرأ العملية الديمقراطية اذا كان هناك فتوى شرعية؟ هل تجوز الفتاوى الشرعية في الانتخابات؟

ج- هذا فيه تناقض، فلا يمكن ان يكون هناك فتوى في عملية ديمقراطية، معنى العملية الديمقراطية هو الرجوع الى آراء الناس واختياراتهم ومعنى الفتوى هو الالتزام بشخص واحد مما يعني إلغاء العملية الديمقراطية، فمن هنا، لا يمكن ان يكون للفتوى معنى في اي عملية ديمقراطية·
إذا نظرنا إلى ما جرى في ايران، رغم ان هناك توجهاً لشخص معين يرشحه المرشد الاعلى للثورة الاسلامية ومع ذلك ترى الناس تنتخب غيره او ترى شرائح واسعة من الناس اختارت غير احمدي نجاد·· فهذا يعني ان الفتوى فيها عدم وضوح عند من يستخدمها وتسويق خاطئ لمعنى الفتوى من قبل الحزب وغيره من الجهات الدينة، فالشرع عندما يُقر بالعملية الديمقراطية فهذا يعني انه لا معنى لتعيين شخص بالفتوى، وانما المرجع فيه الى آراء الناس وخياراتهم·

س-هل يمكننا القول بأن الفتوى هي حركة معاكسة لحرية الناس؟

ج- طبعاً، هي تتنافى مع الحرية الإنتخابية، إن استخدام الفتوى للإلزام باختيار شخص أو فريق في أية عملية انتخابية هو إلغاء للعملية الانتخابية·

فكيف يمكن للشريعة التي تقبل بالعملية الانتخابية بالأصل ان تصدر حكماً يتنافى مع العملية الانتخابية؟!! فلذلك نحن نرى إن الفتوى بالإلزام ليس مجالها العملية الانتخابية المبنية على الإرادة والإختيار ، وبالتالي فهي خاطئة في هذا المجال·

-فتوى حزب الله في الانتخابات

س-ولكن، في الوقت نفسه مثلا، عندما يصدر فتوى حزب الله يقول بأنها لحماية المقاومة!!

- هذه فتوى نسميها نحن توجيهاً حزبياً وليست فتوى شرعية، فهو يوجه قواعده وانصاره باتجاه شخصية او لائحة معينة، ولكن اذا خالفها الانسان لا يكون مخالفاً لشرع الله، ولا تلحق بالانسان لا خطأ ولا خطيئة·
هذا التوجيه موجه إلى المرتبطين تنظيميا من الحزبيين وليس فتوى شرعية تُلزم المؤمنين والذين يلتزمون بالدين·
وأما مسألة مقاومة، فالناس والعوائل في البقاع والجنوب وحتى في بيروت وغيرها ، فكل العوائل شاركت ودفعت الثمن في الحروب التي وقعت على لبنان من قِبل العدو الاسرائيلي، ولذلك لا يمكن ان يُقال هذه العائلة أكثر مقاومة من العائلات الأخرى، او هذه القرية أكثر مقاومة من تلك·الكل دفع الثمن كما جرى في عدوان تموز 2006 وقبله من الحروب·
وهذه العملية الإنتخابية في البلديات هي عملية انمائية ترتــبط بإنماء القرية وإدارة شـؤونها وأي علاقة للمقاومة بهذا الأمر؟!!

-الدولة تتخلى عن دورها

س-وفي الوقت ذاته نرى هذه القوى اي حزب الله وحركة <امل> في الشارع الشيعي يأخذون الغالبية الكاسحة من اصوات الناس! ما هو مصدر هذه القوة؟!

ج- لا شك ان هناك قواعد شعبية لحركة <امل> ولحزب الله في الشارع الشيعي، وهناك صوت معترض داخل الطائـفة الشيعـية على أداء هذا الثنائي نتيجة الاعمال التي وقعت في الماضي ، وأيضاً فيما بعد حرب تموز وغيرها من الأمور والأحداث التي جرت·
وفي واقع الامر هو ان الدولة تخلت عن دورها في اقامة العلاقة المباشرة مع الناس وجعلت الممر الاجباري لخدمات الطائفة الشيعية هو عبر قوى الأمر الواقع المهيمنة·
فلذلك، لا يمكن لأبناء الطائفة الشيعية ان يصلوا الى حقوقهم إلا عبر هذه القيادة التي تمثلت بحركة <امل> وحزب الله والدولة يسرت هذا الامر لهما، وبطبيعة الحال مع وجود السلاح عند هذا الفريق و لديهم خدمات الدولة ايضا تمر عبر هذه القوى الحزبية بشكل حصري، فهذا يعطي عندئذٍ قدرة لهذين الحزبين والتنظيمين على أخذ مقدار كبير من الساحة الشيعية·

س-هل يمكنك وضعنا بصورة تواصل السيد علي الامين مع الناس في الجنوب؟! هل ما زال التواصل قائما؟

- أنا لا زلت على تواصل دائم ولكن بشكل اقل من المراحل الماضية نتيجة ظروف معينة، وفي هذه الفترة الماضية سافرت عدّة مرات للمشاركة في ندوات ومؤتمرات خارج لبنان ولكن على كل حال لا يوجد التواصل الذي كان معهوداً سابقاً·

-اسرائيل والعدوان

س-أنت مهتم بقضايا الوطن والجنوب، هل تخشى من عدوان جديد على لبنان؟

ج-- طبعاً هناك خوف كبير من ان يحصل هناك عدوان على أهلنا في الجنوب وعلى كل لبنان طبعاً· وهو نتيجة لطبيعة اسرائيل العدوانية التي لها طموحاتها التوسعية، وايضا نتيجة ما سمعناه من تصريحات متعددة من قِبل مسؤولين في المنطقة ونتيجة ربط لبنان بالمحاور الاقليمية، لذلك نحن نخشى ان تتكرر عملية الاعتداء على الجنوب وعلى لبنان وبشكل واسع·

-الدولة غائبة انمائياً عن الجنوب

س-أغلب قيادات حزب الله اعلنت بأن مناطقها مفتوحة للدولة· أين الحقيقة؟

ج-- الدولة موجودة في عيون ارغش وفي حيّ الشراونة في بعلبك· أما الدولة هل هي موجودة في جنوب لبنان؟!! نحن كنا في الجنوب وابناء الجنوب يخبروننا بعد إخراجنا من الجنوب بقوة السلاح غير الشرعي! فقوات الطوارئ الدولية لا يمكنها ان تقوم بدورية في قرية او شارع· قبل مدّة مرّت بعض دوريات قوات الطوارئ في بعض القرى فقام عليها اهل القرية لماذا؟ لأنه من الواضح ان ليس لقوات الطوارئ هذا الدور الفعال والمؤثر، بل تحولت الى فرق سياحية في الجنوب وليس لها اي دور فاعل ومؤثر في بسط سلطة الدولة ونفوذها·
والجيش اللبناني ايضاً لا يمكنه ذلك على نحو الحقيقة، فليس له كامل الحرية هناك·
لقد قلنا بأن الدولة لا يمكنهاالتواجد الحقيقي في الجنوب وبسط سلطتها الكاملة لان لبنان بفعل سيطرة القوى الحزبية اصبح مرتبطاً بالوضع الاقليمي والصراع العربي - الاسرائيلي والايراني··لذلك، الآن هم يجرون حواراً على طاولة الحوار من اجل مسألة السلاح فهذا معناه بأن السلطة لم تبسَط كاملة على الأراضي اللبنانية ولا تزال هناك عوامل موجودة تمنع الدولة من ذلك.
هل نسينا ما جرى في السابع من أيار؟ ما الذي حصل بعده؟ فالنزاع كان حول بسط سلطة الدولة على كامل الاراضي اللبنانية وعندئذٍ جاءت الرسالة واضحة في السابع من ايار وانه ممنوع على الدولة ان تبسط سلطتها الكاملة، ولا تزال مسألة السلم والحرب والدفاع وغيرها هي محل بحث!
وإذا كانت الدولة لا تملك قرار السلم والحرب فكيف تكون دولة؟ وكيف تكون باسطة لسلطتها وسيادتها؟ لا القرار العسكري بيدها ولا قرار الامن بيدها، وحتى السياسة الخارجية ليست بيدها نتيجة اوضاع معينة تملي عليها ان تتخذ مواقف موافقة لقوى الأمر الواقع وللمحاور الاقليمية·

-فلتان الضاحية

س-ولكن ما علاقة قضية <الفلتان> في الضاحية بقضية الحرب والسلم؟

ج-- هم يرون ان هناك أسباباً امنية تمنع من تمكن أجهزة الدولة من القيام بدورها·
اعتقد بأن مسألة الدولة هي مسألة كل متكامل ولا يمكننا القول للدولة بأن تقوم بدورها في مكان وان لا تقوم بدورها في مكان آخر، أو نظرية ان <الدولة تخدم ولا تحكم> وهذه نظرية موجودة بطبيعة الحال، وما يجري في الضاحية كما يقال من بعض الامور التي نسمعها لا يُعفي القوى المهيمنة من المسؤلية عن هذا المستوى الاخلاقي الذي وصل اليه بعض الاشخاص·

-مرجعية الدولة

س-بتقديرك من يصنع الاستقرار في البلد؟

ج- الذي يُخرج البلد من مأزقها هو مرجعية الدولة التي نصّ عليها اتفاق الطائف·
الدولة هي المرجع لكل الافرقاء الموجودين ولا بد من الخروج من مقولة الامن الذاتي والامن المناطقي وتسليم هذا الامر برمته الى الدولة اللبنانية، وإلا اذا بقي الوضع على ما نحن عليه فيتعثر مشروع قيام الدولة وسيدفع بلبنان الى المزيد من الرجوع الى الوراء· لان وجود هذا السلاح بأيدي بعض الناس دون البعض الاخر سيدفع بعض الناس الآخرين للخروج عن الدولة وينشؤوا قوى عسكرية ونرجع الى منطق الصراعات الحزبية التي كانت في الماضي.

-استقرار هش

س-الواضح أنك تدعو الى مرجعية الدولة في كل شيء، ولكن اتفاق الدوحة أكد على قضية التوافق؟

ج-- هذا الاستقرار الذي نراه هو استقرار هش وليس استقراراً مبنياً على قناعة ورضى، الاستقرار الذي ولّده اتفاق الدوحة كان نتيجة لما جرى من قمع ومن إسقاط مشروع الدولة وضرب هيبتها في السابع من أيار ولا تزال هذه الهيبة لم تتمكن الدولة من استرجاعها، ولو أن الدولة قامت بدورها في 7 أيار كما تقوم بدورها في عيون أرغش··· في حفظ الأمن وكونها مرجعية على مختلف الأراضي اللبنانية ولا تكون مرجعية في مكان دون مكان آخر لاختلفت الأمور كثيراً في كل لبنان.
ولذلك نقول إن اتفاق الدوحة لم يُعطِ استقراراً ناشئاً عن قناعة ورضى وإنما نشأ من خلال الأمر الواقع المفروض بقوة السلاح ،وهذا ما نراه منعكساً على أداء الحكومة وجلساتها وقراراتها التي تتخذها والتي تسير سيراً بطيئاً·

-عجز السلطة

س-كيف يمكن أن ننظم وحدة المسلمين واللبنانيين؟ وكيف نمتّن استقرار البلد؟

ج-- المرجعية هي دولة المؤسسات والقانون وهذه هي المرجعية التي نرى أنها تشكل ضمانة للوحدة الوطنية بين جميع اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين وسنّة وشيعة وسائر الطوائف الأخرى·
فلا توجد دولة في العالم تستجدي دورها وسلطتها وحقها وإنما الدولة هي التي تفرض القانون على الآخرين، وأنا أرى بأن هذه الدولة عاجزة عن بسط سلطتها حتى الآن·

-لبنان والفتنة

س-هل ما زلت تخشى فتنة سنية - شيعية في البلد؟

ج- لا نخشى قضية أجواء الفتنة وإنما نخشى من نشوء صراعات نتيجة ضعف الدولة اللبنانية وعدم بسطها لسلطتها وعدم مرجعيتها فعندئذٍ يمكن أن تنشأ صراعات وخلافات، فوجود السلاح خارج مشروع الدولة وخارج إدارة الدولة سيشكل خللاً في التركيبة الداخلية اضافة الى أنه يستدرج عروض حرب خارجية، فالسلاح غير الممسوك يبقي مصدراً للقلق لدى كل اللبنانيين·

-مقاومة إحتياطية

س-هناك ضبابية في الرؤية لوضع السلاح ودوره خاصة مع بقاء أرض محتلة ووجود القرار 1701؟

ج- الضبابية إنقشعت غيومها، فهذا السلاح إذا كان هدفه فقط مقتصراً على تحرير الأرض اللبنانية، فالأرض اللبنانية بمعظمها قد تحررت والآن ما زال هناك خلاف على مزارع شبعا والتي تعترضها إشكالية قانونية وهناك شطر من قرية الغجر وكل الأطراف بمن فيهم <حزب الله> الذي يمتلك هذا السلاح، قبلوا بالقرار 1701 الذي أصبح حاجزاً بين المقاومة المسلحة وبين تحرير الأرض لأنه لا يمكن أن نؤمن بالقرار 1701 وأن نقوم بعمل مسلح من أجل تحرير الأرض، وحتى الآن مرّت 4 سنوات ولم تحصل هناك عمليات مثلاً، فلذلك هذه المقاومة أصبحت إحتياطية للمستقبل وليست مقاومة فعلاً لتحرير الأرض·
من هنا نقول بأن هذا السلاح لو كان مرتبطاً بالأجندة الداخلية كما يقال لكان من اليسير عندئذٍ أن يؤخذ قرار بعملية دمجه بالجيش اللبناني وبمشروع الدولة اللبنانية وعندئذٍ ينتهي الأمر·
ولكن عدم اندماجه بمشروع الدولة اللبنانية وما نسمعه في بعض الأحيان من تصريحات من إيران أو من غيرها بأن المقاومة ستتدخل فيما لو ضُربت إيران يعطي انطباعاً بأن وظيفة السلاح مرتبطة بغير تحرير الباقي من الأراضي اللبنانية.
نحن نقول بأنه حتماً هذا السلاح الذي هو خارج الدولة اللبنانية وهو بيد المقاومة و<حزب الله> الذي لا يخفي علاقته بإيران وارتباطه بها وهو مؤمن بقيادتها الفقهية والسياسية وبولاية الفقيه، فمن الطبيعي مع هذه الحال أن نخشى من أن يستخدم هذا السلاح ويـؤثر عندئذٍ على الوضع في لبنان. وطبعاً نحن لا نتمنى أن تُضرب إيران لكن لا يمكننا أن نزجّ بشعبنا وبأهلنا في حرب غير متكافئة·
وأنا أسأل: متى ينتهي الإعداد لهذه الاستراتيجية الدفاعية ونحن نخشى في كل يوم أن تشنّ إسرائيل علينا حرباً جديدة؟!!!.
ولذلك قد يكون الغرض من طاولة الحوار هو سحب السلاح من التداول وإبقائه حيث هو بعيداً عن قرار الدولة اللبنانية وهذا ما يشكل القلق لدى عموم اللبنانيين·